سورة الروم - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)}
قوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً} استفهام فيه معنى التوقيف. قال الضحاك: {سُلْطاناً} أي كتابا، وقاله قتادة والربيع بن أنس. وأضاف الكلام إلى الكتاب توسعا. وزعم الفراء أن العرب تؤنث السلطان، تقول: قضت به عليك السلطان. فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح، وبه جاء القرآن، والتأنيث عندهم جائز لأنه بمعنى الحجة، أي حجة تنطق بشرككم، قاله ابن عباس والضحاك أيضا.
وقال علي بن سليمان عن أبي العباس محمد بن يزيد قال: سلطان جمع سليط، مثل رغيف ورغفان، فتذكيره على معنى الجمع وتأنيثه على معنى الجماعة. وقد مضى في آل عمران الكلام في السلطان أيضا مستوفى. والسلطان: ما يدفع به الإنسان عن نفسه أمرا يستوجب به عقوبة، كما قال تعالى: {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} [النمل: 21].


{وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)}
قوله تعالى: {وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها} يعني الخصب والسعة والعافية، قاله يحيى بن سلام. النقاش: النعمة والمطر.
وقيل: الأمن والدعة، والمعنى متقارب. {فَرِحُوا بِها} أي بالرحمة. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي بلاء وعقوبة، قاله مجاهد. السدي: قحط المطر. {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي بما عملوا من المعاصي. {إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ} أي ييأسون من الرحمة والفرج، قاله الجمهور.
وقال الحسن: إن القنوط ترك فرائض الله سبحانه وتعالى في السر. قنط يقنط، وهي قراءة العامة. وقنط يقنط، وهي قراءة أبي عمرو والكسائي ويعقوب. وقرأ الأعمش: قنط يقنط بالكسر فيهما، مثل حسب يحسب. والآية صفة للكافر، يقنط عند الشدة، ويبطر عند النعمة، كما قيل:
كحمار السوء إن أعلفته *** رمح الناس وإن جاع نهق
وكثير ممن لم يرسخ الايمان في قلبه بهذه المثابة، وقد مضى في غير موضع. فأما المؤمن فيشكر ربه عند النعمة، ويرجوه عند الشدة.


{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)}
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ} أي يوسع الخير في الدنيا لمن يشاء أو يضيق، فلا يجب أن يدعوهم الفقر إلى القنوط. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10